الترجمان محمد بن ينال، والأمير على الجيش، والغالب على الأمور بجكم التركى، وكان قبل وفاته مقيما بواسط، وكانت به علل كثيرة، وكان يقول أنا مذ حبسنى القاهر عليل إلى وقتى هذا وتزايدت علته قبل وفاته بسنة وفسد مزاجه، وكان ذلك أصعب علله. وكان يلقى من فمه دما كثيرا، حتى ألقى من فمه فى يومين وليلتين- على ما قال سنان- أربعة عشر رطلا، وكان أكثر ذلك بحضرتنا ولقد أعطاه سنان دواء يأخذه بملعقة فبقيت الملعقة فى يده ساعة، كلما أومأ بها إلى فيه غلبه الدم. حتى أمسك قليلا فرمى بما على الملعقة إلى فيه، ثم عاوده الدم. وكان مع هذا فى جوفه غلظ تزايد فى آخر أيامه، وكان كثير الخلاف على من يطبه، لا يقبل مشورته، ويضمن أن يحتمى ولا يفى بضمانه وكان الجماع والشراب أعظم آفاته مع عشاء يديمه كل يوم على غير حاجة إليه، وهذا ما ذكرت من أخباره أنه لم يكن فيه عيب إلا مسامحته نفسه فيما تشتهيه، وما كان أكله بالكثير ولا شربه، ولكن شهوته زادت على طاقة جسمه وقوته.
ومن شعره عند زيادة علته
أيا نفس كونى بعد علمك والفحص ... على حذر وارضى من الكلّ بالشّقص
ثقى واعلمى أنّ الممات معجّل ... إلى كلّ ذى زهد عزوف وذى حرص
ولا تطلبى حال التّمام فانّه ... إذا تمّ أمر المرء آذن بالنّقص