قال: عاتب أبان البرامكة في إعطاء الرشيد الأموال للشعراء وفقره مع ذلك، مع خدمته لهم وموضعه منهم، فقال له الفضل: إن سلكت مذهب مروان «١» أوصلت شعرك، وبلغتك إرادتك. قال: والله ما أستحلّ ذاك! فقال له الفضل:
كلنا يفعل ما لا يحل، ولك بنا وبسائر الناس أسوة، فقال أبان:
نشدت بحقّ الله من كان مسلما ... أعمّ بما قد «٢» قلته العجم والعرب
أعمّ نبيّ الله أقرب زلفة ... اليه أم ابن العمّ في رتبة النّسب؟
وأيّهما أولي به وبعهده ... ومن ذاله حقّ التّراث بما وجب؟
فإن كان عباس أحقّ بتلكم ... وكان علىّ بعد ذاك على سبب
فأبناء عباس هم يرثونه ... كما العم لا بن العم في الإرث قد حجب
وفى حسن إذ قلتم فيه حجّة ... فقد باعها لا ينكر الناس أو وهب
فإن كان ذا حق فعمدا أضاعه ... وإن كان ذا دعوى فكفوا عن الشغب
وهبه كما قلتم، وليس كذاكم ... أما ذادكم عنها المطالب واغتصب؟
فأهملتموها لم تروا حيلة لها ... إلي أن أراد الله إتمام ما أحب
فحظّ بنى مروان منها وحظكم ... مع الغيظ والحرمان والعيلة الحرب
فقام بها من لم يكلها إليكم ... ومن هو أولى بالذي بزّ واستلب
إمام بنى العباس حين سما لها ... وبالله فيما رام أدرك ما طلب
فشرّد أهلوه وأودى وصيّه ... بحبس ابن مروان فسلم واحتسب
فان كانت القربى فهم أهل حقه ... وهم أهلها إن كان حقّ لمن غلب