وكان أبو بكر النقيب قد هرب من بغداد إلى ناصر الدولة، قبل شخوص الخليفة عن بغداد فقبله أحسن قبول وخلع عليه وعلى ولده، وبلغ برزقه ألفى دينار، ومثلها لولده وغلمانه، ثم خرج مع الخليفة إلى الرقة، ثم رجع إلى ناصر الدولة فأقام يأخذ رزقه، ثم كاتب أبا جعفر فى مصيره إلى الحضرة واحتال حتى قدم وكان أبو جعفر قد وجد على أسكروز الديلمى عامل الشرطة ببغداد فى أشياء أنكرها عليه من أخذ الدراهم، وقبالة ثقيلة يلزمها ولاة الشرطة فكاتب الأمير فيه فعزله، وولى مكانه أبا بكر النقيب، وهذا فى المحرم سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ولما رجع الامير أبو الوفاء من نهر ديالى ظافرا أنشد شعرا فى وصف ما كان منه ومن أبى جعفر فى العزم والرأى، فما وقع عند من حضر الموقع المرضى. فنطقوا بأجمعهم وقالوا لى: مثل هذا الخطب العظيم والفتح الجليل، لا يكون له مدح يشهره الناس ويرويه؟ فقلت فى ذى الحجة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة
نعم الورى بسوابغ النّعماء ... ونجوا من البأساء والضّرّاء
عضد الآلهّ أبا الوفاء بنصره ... عضد الخلافة سيّد الأمراء
فأريح قلبى من جوى البرحاء ... ولهيب نار الوجد والأدواء
عاد الزّمان إلى نضارة عيشه ... وأزيلت البأساء بالسّرّاء
قد واصل النّصر للتابع سيفه ... كوصال حبّ كاره لجفاء