بعد قتل محمد الامين، فلما ظهر قواد المأمون استخفى فلم يزل كذلك مدة طويلة إلى أن قدم المأمون بغداد، ثم ظهر عليه فعفا عنه فعمل فيه اشعارا وشكلة من سبى دنباوند قتل ابوها شاهمرد وسبيت هى وبخترية أم منصور بن المهدى، فوهبها المنصور لمحياة أم ولد له فوهبتها للمهدى وولد إبراهيم بن المهدى غرة ذى القعدة سنة اثنتين وستين ومائة وتوفى فى أول سنة أربع وعشرين ومائتين، وقيل فى آخر سنة ثلاث وعشرين بسر من رأى.
حدّثنا يموت بن المزرع قال حدثنى الجاحظ قال أرسل إلى ثمامة يوم جلس المأمون لابراهيم بن المهدى، وأمر باحضار الناس على مراتبهم فحضروا، فجىء بابراهيم فى قيد فسلم، فقال له المأمون:
«لا سلم الله عليك، ولا حفظك» فقال: «على رسلك يا أمير المؤمنين، فلقد اصبحت ولى ثأرى، والقدرة تذهب الحفيظة، ومن مد له فى الامل هجمت به الأناة على التلف، وقد أصبح ذنبى فوق كل ذنب، وعفوك فوق كل عفو، فان تعاقب فبحقك، وإن تغفر فبفضلك» فقال له المأمون إن هذين أشارا على بقتلك- وأومأ الى المعتصم وإلى ابنه العباس- فقال قد أشارا بما يشار بمثله فى مثلى، وما غشاك فى عظم الخلافة ولكن الله عودك من العفو عادة، فانت تجرى عليها دافعا ما تخاف بما ترجو، فقال: أطلقوا عمى، فقد عفوت عنه