للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه وجهٌ آخر:

وهو أنْ تحملَهُ على المعروفِ في الكلامِ، وتجعلَ: «إحدَى عشْرةَ» بدلًا مِن الضَّميرِ في: «اجتمعن»، وهذا تأويلُ سِيبَوَيْه (١) في الآية، وحكاه عن يونُسَ (٢)، قال: وكأنَّه (٣) قال: انطلَقُوا، فقيلَ: مَن هم؟ فقيلَ: بنُو فُلانٍ.

ولكنْ يتحقَّقُ هذا في الحديثِ بأنْ نُقَدِّرَ أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أخبرَ عنهُنَّ على هذا الوجهِ، / وقد جرى مِنْ ذكرِ الخبرِ ما صارَ كالمُخبِرِ عنهُنَّ، بتأخيرِ الفعلِ وأنَّهنَّ في نفسِهِ وذكرِهِ مُقدَّماتٌ، وتكونُ النُّونُ ضميرًا اسمًا لا حرفَ علامةٍ، فيكونُ ما بعدها بدلًا منها، كما كانَ في الآيةِ، لِتقدُّمِ (٤) الذِّكرِ لِمَنْ يعُودُ / عليه الضميرُ، ألَا ترى أنَّهُ قد جرى شيءٌ من حديثِهِنَّ قبلُ؟ وهو قولُه - صلى الله عليه وسلم -: «كُنتُ لَكِ كَأبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ»، ثم سؤالُ عائشةَ له عن قصَّةِ أمِّ زرعٍ، قالَتْ: فأنشَأَ يحدِّثُنا الحديثَ.

وقد يكونُ -أيضًا- قولُه: «إحدَى عشْرةَ» خبرًا لمبتدإٍ مُضمَرٍ، كأنَّه قيلَ: من هُنَّ؟ فقال: هُنَّ إحدَى عشْرةَ، وهو أحدُ التَّأويلاتِ في الآيةِ، وبها قدَّرَ سِيبَوَيْه (٥) فيها البدلَ، فانظره.


(١) «الكتاب» (٢/ ٤١).
(٢) يونس بن حبيب، أبو عبد الرحمن، الضَّبِّيُّ مولاهم، البصْريّ، إمام أهل النَّحْو. أخذ عن أبي عَمْرو بن العلاء، وحمّاد بن سلمة، وغيرهما. أخذ عنه الكسائي، وسيبويه، والفراء. (ت: ١٨١ - ١٩٠ هـ). ينظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (٨/ ٤١٣)، و «معجم الأدباء» (٦/ ٢٨٥٠)، و «إنباه الرواة» للقفطي (٤/ ٧٤)، و «تاريخ الإسلام» (٤/ ١٠١٤).
(٣) في (ع)، (ك): «فكأنه».
(٤) في (ك): «لبقاء».
(٥) «الكتاب» (٢/ ٤١).

<<  <   >  >>