للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغَرِيبُ

قولُ عائشةَ - رضي الله عنها - «كَانَ أَبِي ألَّفَ (١) ألفَ أُوقِيَّةٍ» / (أي: جمَعَ) (٢). قال اللهُ تعالى: {مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفال: ٦٣].

ومَنْ رَوَاهُ: «آلف» بالمدِّ، فمعناه. وهو فعلٌ مشتقٌّ مِنَ الأَلْفِ، يُقالُ: آلفتُ القومَ فآلفُوا، اللَّازِمُ والمتعدِّي واحدٌ، قالَهُ الهَرَوِيُّ (٣). أيْ جمعتُهم ألفًا، أو صيَّرتُهم ألفًا (٤). /

وقولُها «تَعَاهَدْنَ وتَعَاقَدْنَ»: أَيْ ألْزَمْنَ أنفُسَهُنَّ بالقولِ موثِقًا وعهْدًا، وعقَدْنَ على الصِّدقِ والوفاءِ من ضمائِرِهِنَّ بذلك عقدًا. قال الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: ٨٩] الآية {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: ٨٩] أي بِمَا وافَقَ به نُطقُكُم نِيَّتَكُم.

والأصلُ أنَّ العهدَ والعقدَ في اللُّغةِ بمعنًى واحدٍ، قالَهُ الخليلُ، وابنُ دُرَيْدٍ وغيرهما (٥)، ومعناهُ التَّوَثُّقُ، مِنْ: عقدتُ الحبلَ والشَّيءَ بالشَّيءِ، وهو التَّوَثُّقُ


(١) كذا ضبطت في (ك)، (ل) بتشديد اللام في «ألف» الأولى وفتحها، وهو الأنسب للسياق، ويراجع ما كتبته (ص: ٥٨).
(٢) ليس في (ل).

(٣) «الغريبين» (١/ ٩٢).
(٤) زاد بعده في (ب): «وقال ابن إسحاق: ألف فلان إيلافا، وهو أن يجتمع له ألف من البقر والغنم أو غير ذلك، قال الكميت:
بعام يقول له المولفون هذا المعيم لنا المرجل» اهـ.
قلت: كذا قال، والكلام لابن هشام في السيرة (١/ ٥٦)، وأحسبه من إضافة الناسخ.
(٥) «العين» باب (ع ق د) (١/ ١٤١) «جمهرة اللغة» (دكو) (٢/ ٦٨٠)، «الفروق اللغوية» للعسكري (ص: ٣٦٥)، و «المحكم والمحيط الأعظم» (١/ ١٦٦).

<<  <   >  >>