للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُضافُ إلى ظاهرٍ غيرِ صفَةٍ، ولا أعلمُ لهذِهِ القِصَّةِ (١) مِثْلًا في كلامِ العربِ.

مَعْنَاهُ:

أرادَتْ بقولِها هذَا: كثرَةَ ما أعطَاهَا مِن جميعِ ما يَرُوحُ إلى منزِلِهَا، / من إبلٍ، وبقرٍ، وغنمٍ، وعبيدٍ، ودوابٍّ، / وأنَّه أعطاها أصنافًا مِنْ ذلك ولم يقتصِرْ على الفَرْدِ في ذلك، حتَّى ثنَّاهُ وضعَّفَهُ؛ إحسانًا إليها، وتكرُّمًا عليها، وأنَّه صاحبُ صيدٍ وقنصٍ، يرُوحُ بِها مَثنى مَثنى، ويضيفُها إلى ما اكتسبَ واقتَنَى.

و «الزَّوْجُ»: يقعُ على الواحدِ، ويقعُ على الاثنينِ، ولذلك قالُوا: زَوجَانِ، / ولكنْ لا يقعُ على الواحدِ إلَّا إذا كانَ معه آخرُ، قالَهُ الهَرَوِيُّ (٢).

وقال ابنُ دُرَيدٍ (٣): الاثنانِ: زوج وزوجان.

والزَّوجُ: الصِّنْفُ، ومنه قولُه تعالى: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا} [الشورى: ٥٠]، وقولُه: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} [الواقعة: ٧]، أي: أصنافًا.

وأنكرَ ابنُ الأنبارِيِّ (٤) أنْ يُسمَّى الاثنانِ زوجًا، وإنَّما يُقالُ لهُمُا: زوجَانِ.

وقولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لعائشةَ: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ»: تطيِيبًا لنفسِهَا، ومبالغةً في حُسنِ معاشرتِها؛ لما ذكرَتْهُ أمُّ زرعٍ منْ حُسنِ صحبتِهِ لها، وشكرَتْهُ منْ جِماعِ حالِهِ معها، ثمَّ استثنى من ذلك الأمرِ المكرُوهَ منه، بقوله: «إنَّهُ طلَّقَهَا وإنِّي لَا أُطُلِّقُكِ»؛ تتمِيمًا لِتطيِيبِ نفسِها، وإكمالًا لطُمأنينَةِ قلبِهَا، ورفعًا للإيهامِ، لعمومِ التَّشبيهِ بجُملةِ أحوالِ أبي زرعٍ؛ إذ لم يَكُنْ فيها ما يُذَمُّ سِوَى طلاقِهِ لها.


(١) كذا في (ت)، (ع)، (ك)، وفي (ب)، والمطبوع: «اللفظة».
(٢) «الغريبين» (٣/ ٨٣٥).
(٣) «جمهرة اللغة» (١/ ٤٧٣).
(٤) «الزاهر في معاني كلمات الناس» (٢/ ٢٩٢).

<<  <   >  >>