للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عبدُ الملكِ بن المَاجِشُون: يقفُ ببابِ إحداهُنَّ ويُسلِّمُ ولا يدخلُ (١).

وتأوَّلَ أهلُ هذِهِ المقالَةِ ما رُوي عنه - عليه السلام - في الحديثِ المذكورِ: خُصوصًا / للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لم يكُنْ القسمُ واجبًا / عليه كما تقدَّمَ، وأنَّه إنِّما كانَ يفعلُ

- / صلى الله عليه- هذا نادرًا وأحيانًا، وغالبُ أمرِهِ العدلُ والتَّسويةُ؛ ليَسُنَّ العدلَ، ويُحسِنَ العشرةَ.

٦ - وفيهِ مِن الفقهِ: جوازُ الحديثِ عن الأُممِ الخاليةِ، والأجيالِ البائدةِ، والقرونِ الماضيةِ، وضَرْبُ الأمثالِ بهم؛ لأنَّ في سيرِهِم اعتبارًا للمُعتبِرِ، واستبصارًا للمستبصِرِ، واستخراجَ الفائدةِ للباحثِ المُستكثِرِ؛ فإنَّ في هذا الحديثِ -لاسِيَّما إذا حُدِّث به النِّساءُ- منفعةً في الحضِّ على الوفاءِ للبُعولةِ، والنَّدبِ لقصْرِ الطَّرفِ والقلبِ عليهِم، والشكرِ لجميلِ فِعلِهِم، وحُسنِ المعاشرةِ معهم، كحالِ أمِّ زرعٍ وما ظهرَ من إعجابِهَا بأبي زرعٍ، وثنائِها عليه وعلى جميعِ أهلِهِ، وشكرِها إحسانَهَ لها، واستصغارِهَا كلَّ شيءٍ بعده. وبسببِ قِصَّتِها كانَ جَلْبُ الحديثِ، كما وقعَ مُبيَّنًا في بعضِ الرِّواياتِ، مع ما فيه مِن التَّعريفِ بصبرِ الأُخرِ اللاتي ذَمَمْنَ أزواجَهُنَّ، والإعلامِ بما تحمَّلنَهُ من سوءِ عِشرتِهِم، وشراسَةِ أخلاقِهِم؛ ليَقتدِيَ بذلك من النِّساءِ مَنْ بلغَهَا خبرَهَنَّ في الصَّبرِ على ما يكونُ مِنَ الأزواجِ وتأتَسِيَ بمن تقدَّمَها في ذلك.


(١) ينظر: «التبصرة» للخمي (٥/ ٢٠٤٨)، و «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٤٨٩)، و «التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب» (٤/ ٢٥٩)، و «التوضيح» لابن الملقن (٢٥/ ٩١)، و «عمدة القاري» (٢٠/ ٢٠٢).

<<  <   >  >>