للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و [الوجهُ] (١) الثَّالثُ: أنَّهم كانوا يَعدُّونَهُ من غيرِ أولي الإرْبَةِ منَ الرِّجالِ الَّذين يجوزُ لهمُ / الاطلاعُ على ظواهرِ محاسِنِ / النِّساءِ، فلمَّا رآهُ - صلى الله عليه وسلم - يقصدُ منِ أوصافِ النِّساءِ إلى ما يستحسِنُهُ الرِّجالُ، دَلَّ على أنَّ عندَهُ إربةً في النِّساءِ، ومَيلًا إلى ما يرغبُهُ الرِّجالُ ويميلون إليه.

وقولُها: «طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا»، أي: أنَّهَا بارَّةٌ بِهما، غيرُ خارجةٍ عنْ رأيِهِما؛ وهذا يدُلُّ على عِفَّتِها وعقلِها.

ومنْ رواهُ: «زَيْنُ»، فمعناهُ: أنَّ مَنْ لهُ مثلُ هذِه البِنتِ في كمالِها وجمالِها، يَتزيَّنُ بِها ويَتجمَّلُ؛ قال اللهُ تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: ٤٦].

وَغَرِيبُ قَوْلِهَا:

«بُرُودُ الظِّلِّ»، أي: أنَّها حسنةُ العِشرةِ، كريمةُ الجوارِ، يُقالُ: فلانٌ يأوِي إلى ظِلِّ فُلانٍ، إذا كانَ تحتَ إكرامِهَ وعزِّهِ وحمايتِهِ، كأنَّه استراحَ إليه استراحَةَ المُسْتَحِرِّ للظِّلِّ (٢)، والظِّلُّ يُعبَّرُ به عنْ العزِّ، حكاه ابنُ دُرَيْدٍ (٣)، وهذا يؤيِّدُ روايةَ مْن رَوَى: «حَبْرُ جَارَتِهَا».

وقولُها: «وَفِيُّ الإلِّ»، أي: العهدِ، قالَهُ ابنُ الأنباريِّ، والهرويُّ (٤).

و «الإلُّ» أيضًا: القرابَةُ؛ قال الله تعالى: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} [التوبة: ١٠] أي: قرابةً ولا عهدًا عندَ بعضِهم (٥).


(١) ليس في (ع)، (ك).
(٢) في المطبوع: «المستجير بالظل».
(٣) «جمهرة اللغة» (١/ ١٥٣).
(٤) «الغريبين» (١/ ٨٩).
(٥) ينظر: «النهاية» (ألل) (١/ ٦١).

<<  <   >  >>