للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الفَقِيهُ القَاضِي أبُو الفَضْلِ - رضي الله عنه -:

كأنَّه يريدُ: أنَّهم لقِلَّتِهم وقِلَّةِ غنمِهِم (١) حَمَلَهُم سُكنَى شِقِّ الجبلِ، أي: نَاحيتَه أو بعضَه؛ لأنَّ الشِّقَّ يقعُ على النَّاحيةِ منَ الشَّيء، ويقعُ على بعضِهِ.

والشِّقُّ أيضًا: النِّصفُ، فيكونُ على هذا وعلى ما جاءتْ به الرِّوايةُ صحيحًا.

وقد يكونُ هذا التَّفسيرُ على روايةِ: «شَقٍّ» بالفتحِ، وهو أليقُ بقولِها لقلَّتِهم، أي: شَقٌّ في الجبلِ كالغارِ ونحوِه.

وله وجهٌ آخر ذهبَ إليه نِفْطَوَيْه، ورأيتُه للقُتبيِّ (٢)، هو بالحديثِ أولى وأصحُّ لغةً ومعنى: أنَّ الشِّقَّ بالكسرِ: الشَّظفُ منَ العيشِ والجهدِ منه.

قال ابنُ دُرَيْدٍ (٣): يُقالُ: هو بِشِقٍّ وشَظَفٍ مِنَ العيشِ، أي: بِجُهدٍ منه، وعليه تَأوَّلَ قولَ اللهِ تعالى: / {إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ} [النحل: ٧] (٤).

وقولُها: «في أهْلِ صَهِيلٍ وأَطِيطٍ ودَائِسٍ ومُنَقٍّ»، فالصَّهِيلُ: أصواتُ الخَيلِ.

وعلى روايةِ: «جَامِلٍ وَصَاهِلٍ» / أي: جَمَالٍ وخَيلٍ، أو أصحابُ جمالٍ وخيلٍ.


(١) في (ع)، (ك): «غنيمتهم».
(٢) «غريب القرآن» لابن قتيبة (١/ ٢٤١).
(٣) قال ابن دريد: «وجئتك على شقّ أَي على مشقة. وَكَذَلِكَ فسر في التَّنْزِيل وَالله أعلم وَهُوَ قَوْله جلّ وَعز: {إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}» اهـ «جمهرة اللغة» (ش ق ق) (١/ ١٣٨).
(٤) ينظر: «مشارق الأنوار» (٢/ ٢٥٨)، و «إكمال المعلم» (٧/ ٤٦٤)، و «مطالع الأنوار» (٦/ ٧٦)، و «شرح النووي على صحيح مسلم» (١٥/ ٢١٧)، و «التوضيح» (٢٤/ ٥٨٩)، و «فتح الباري» (٩/ ٢٦٨)، و «إرشاد الساري» (٨/ ٨٧).

<<  <   >  >>