للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتَّى تتِمَّ شهوتُها فيه، لكثرتِه وكرامتِها، كما قال النَّابِغةُ (١):

وتُسْقَى إذَا مَا شِئتَ غَيْرَ مُصَرَّدٍ ... .................................

/ أو أنَّها تعترِيها لذلك نشوةٌ وتِيهٌ، وأنَّها تأكلُ وتفضُلُ لها فضلاتٌ تمنحُها سواها. وجاءتْ فاءُ التَّعقيبِ المُقتضِيَةُ: أنَّ إعطاءَهَا ومنحتَها كانتْ بعدَ أكلِها / وتمامِ حاجَتِها، أو أنَّها قد سَمِنتْ عندَه وحَسُنَ جِسمُها.

تَنْبِيهٌ:

قالَ أبو عُبيدٍ (٢): ولَا أرَاهَا قالَتْ ذلك إلَّا مِنْ عِزَّةِ الماءِ عندهم، يعنِي قولَها: «أشربُ فأَتَقَمَّحُ».

قالَ الفَقِيهُ القَاضِي أَيَّدَهُ اللهُ:

عَنى أبو عُبيدٍ - رحمه الله -: أنَّها لا تفخرُ بالرِّيِّ منَ الماءَ إلَّا وهو عزيزٌ.

والعجبُ منه! وما اضطرَّه إلى هذا التَّأويلِ؟

وكأنَّه لا شرابَ إلَّا الماءُ، فأينَ أنواعُ اللَّبنِ، والخمرِ، والنَّبيذِ، والسَّويقِ (٣)، وسائرِ أشربةِ العربِ الَّتي كانوا يستحلُّونَها ويستعملونَها من:


(١) البيت من الطويل، وتمامه:
وتُسقي إِذا ما شئْتَ غير مصرَّدٍ ** بزوراء في حافاتها المسكُ كارعُ
ينظر: «ديوانه» (ص: ٥٧).
(٢) ينظر: «غريب الحديث» (٢/ ٣٠٣).
(٣) السويق: طعام معروف، وسَوِيقُ الكَرْم: الْخَمْرُ. ينظر: «لسان العرب» (سوق) (٧/ ٣٠٦).

<<  <   >  >>