للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«وَلَا سمينٌ فَيُنتَقَى»، تَعنِي اللَّحمَ، أي ليسَ بسمينٍ له نِقْيٌ- أي مخٌّ- فيُخرَجُ، هذا نحو لفظِ الهرويِّ (١)، وفيه تجاوُزٌ؛ إذْ ليسَ يَستبِينُ مِنه المعنى، وقريبٌ منه قولُ أبي عُبيدٍ، ويعقوبَ (٢).

وبيانُ معنى ما وقعَ هاهُنا أنْ يُقال: ليسَ بسمينٍ لهُ نِقْيٌ، فيُطلبُ لأجْلِ نِقْيِهِ؛ فلذلك قال: «يُنتَقَى»، أي يُطلبُ طيبُهُ لأجلِ ما فيه مِنَ النِّقْيِ، لا أنَّه أرادَ استخراجَ نِقْيَهُ -وهو مُخُّهُ- وذلك أنَّ الجملَ إذا هزَلَ فلابُدَّ أنْ يَبقى (٣) فيه نِقْيُ عِظامِهِ.

قالَ الخَلِيلُ (٤): النِّقْيُ مُخُّ العظامِ، وشحمُ العينِ. قالوا: وآخرُ ما يَبقَى في الجملِ (٥) إذا هزَلَ مُخُّ السُّلامَى ومُخُّ العَينِ (٦)، فإذا لمْ يكنْ / فيهِ ذلِك فلمْ يبقَ فيه شيءٌ من خيرٍ ولا يُنتفعُ به، بدليلِ قولِهِ:

لا يَشْتَكِينَ عَمَلًا مَا أَنْقَيْنَ ... مَا دَامَ مُخٌّ في سُلامَى أوْ عَيْنْ (٧)


(١) «الغريبين» (نقى) (٦/ ١٨٨٢).
(٢) «غريب الحديث» للقاسم بن سلام (غث) (٢/ ٢٨٩)، و «الألفاظ» ليعقوب بن السكيت (ص: ٩٩).
(٣) في (ت)، (ك): «ينتقى»، وما أثبته أشبه.
(٤) «العين» باب (الخاء، والميم) (٤/ ١٤٧)، وينظر: «غريب الحديث» للقاسم بن سلام (٣/ ١٠)، و «جمهرة اللغة» (١/ ٥٦٥)، و «تهذيب اللغة» (١٢/ ٣١٢).
(٥) كذا في جميع النسخ، وفي «العين» (٤/ ١٤٧): «الجسد».
(٦) في المطبوع: «للعين».
(٧) الأبيات من بحر الرجز، وهي لأبي ميمون العجلي النّضر بن سلمة. ينظر: «عيون الأخبار» (١/ ٢٤٦)، و «المعاني الكبير (١/ ٦٢)، و «شرح القصائد السبع» للأنباري (ص: ٣٣٣).

<<  <   >  >>