للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولستُ (١) مطلقةً فأستريحُ / وأتفرَّغُ لغيرِهِ وأيأسُ منهُ، ولَا أحسَنَ صُحبتِي فأغتبِط به، فأنا كالشَّيءِ المُعلَّقِ بين العُلُوِّ والسُّفلِ، غيرِ المستقرِّ في أحدِهما.

وقيلَ: يُحتملُ قولُها أنْ يكونَ من عَلاقَةِ الحبِّ؛ ولذلك كانت تكرهُ أن تنطقَ لِئلَّا يفارِقَها، وإنْ سكتتْ، بقِيَتْ بعلاقِها ولم يهتبلْ بها، ولا وصلَها فشفى غليلَ صدرِها.

قال أبُو بكرِ ابن (٢) الأنبارِيِّ (٣): أرادتْ: أنَّ زوجِي لهُ منظَرٌ بلا خُبْرٍ (٤).

وعلى المذهبِ الآخرِ: فمقتضى جميعِ ما وصفتْهُ به سوءُ الخلُقِ والعِشرةِ، وأنَّها لا تأمنُ أذاهُ وضرَّهُ، وأنَّه مع هذا مذمومٌ، المَرْأَى والخِلْقَةِ، وأنَّها على حذرٍ من / صُحبَتِهِ، غيرُ مطمئِنَّةِ النَّفْسِ، ولا مستقرَّةِ الجأشِ معه، متوقِّعةً أذَاهُ أو فراقَهُ؛ فهي معه كمَنْ هو على حدِّ السِّنانِ منَ المَخافَةِ والحذارِ، وعدمِ الطّمأنِينَةِ والاستقرارِ، والعربُ تقولُ لِمن يكونُ على حذرٍ وغيرِ استقرارٍ: كأنَّه على مثلِ سنِّ الرُّمحِ، / ومثلِ حدِّ السَّيفِ، ومثلِ قرنِ الظَّبيِ، قال امرُؤ القيسِ (٥):


(١) كذا في (ب)، (ع)، وهو المثبت في المطبوع، وفي باقي النسخ: «وليست».
(٢) «ابن» ليست في المطبوع.
(٣) ينظر: «النهاية» (٣/ ٢٤١).
(٤) كذا ضبطت في النسخ المشكولة التي معي: «خُبْرٍ»، والمشهور أن يقال: «له منظر بلا مخبر»، كذا في «النهاية» (٣/ ٢٤١)، و «التوضيح» لابن الملقن (٢٤/ ٥٧٥)، و «فتح الباري» (٩/ ٢٦٠).
(٥) البيت من الطويل، وتمامه:
ولا مثل يوم في قذران ظلته ** كَأَنِّي وأصْحَابِي عَلَى قرنِ أَعْفَرَا
«ديوان امرئ القيس» (ص: ٩٨)، وينظر: «الصحاح» (٢/ ٧٥٢)، و «مجمل اللغة» (ص: ٦١٧)، و «تهذيب اللغة» (٢/ ٢١٤).

<<  <   >  >>