للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانَ كالأسدِ جُرْأةً وإقدامًا.

فقولُه: وَثَبَ عليَّ، يُحتمَلُ أنْ تُريدَ به البطشَ بِهَا، والضَّربَ لها، أو تُريدُ به المُبادَرَةَ إلى جِماعِهَا، وكثرَةِ الحظِّ من استمتاعِها، أو سُوءَ تناوُلِهِ ذلك دُونَ مُلاعَبَتِهَا وتقدِيمِ الإيناسِ قَبْلَ الإبْسَاسِ بمواقَعَتِهَا.

قال ابنُ حَبِيبٍ (١): «وصفَتْهُ بأنَّهُ في اللِّين والدَّعَةِ والغَفْلةِ عندها كالفهدِ، فإذَا خَرَجَ كانَ كالأسدِ في شجاعَتِهِ، ولمْ تُرِدْ النَّومَ كما قال شارِحُ العِراقِيين (٢)، قال: وقد وَرَدَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلُ هذا في وصْفِ عليٍّ وذَمِّ مَنْ كانَ بِخلافِهِ، فرُوِيَ عنه / أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: / «إنَّ اللهَ يُبغِضُ الذَّواقَ المِطْلاقَ، الذِي أَرَاهُ لَا يَأكلُ مَا وَجَدَ، ويَسألُ عمَّا فَقَدَ، وهو عِندَ أهلِهِ كالأسَدِ، وكانَ خَاِرجًا كالثَّعلبِ، لكنْ عليُّ لِفاطِمةَ: يأكلُ مَا وَجَدَ، ولا يسألُ عمَّا فَقَدَ، وهوَ عِندَها كالثَّعلبِ وخَارِجًا كالأسَدِ» (٣).

قَالَ الفَقِيهُ القَاضِي أَيَّدَهُ اللهُ:

والأَوْلى أنْ يكونَ ذِكرُ: «فَهِدَ» هذا (٤) على معنى الاستِعارةِ؛ جعلتْ كثرةَ


(١) ينظر: «التوضيح» لابن الملقن (٢٤/ ٥٧٧).
(٢) يقصد: أبا عبيد القاسم بن سلَّام، فقد قال القاضي عياض في ترجمة ابن حبيب: «وانتحل كثيرًا من كلام أبي عبيد، وكثيرًا ما يقول فيه: أخطأ شارح العراقيين». اهـ ينظر: «ترتيب المدارك» (٤/ ١٢٧).
(٣) ذكره عبد الملك بن حبيب في «أدب النساء» (ص: ٢٥٤)، قال: وعن العلاء بن حارث، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني لأبغض الذواق الطلاق ... »، ولم أهتد إلى العلاء بن حارث هذا، وكذا لم أهتد إلى تخريج الحديث بهذا اللفظ، وذكر السخاوي حديث: «إِنَّ اللَّه يَكْرَهُ الرَّجُلَ الْمِطْلاقَ الذَّوَّاقَ»، وقال: لا أعرفه. اهـ ينظر: «المقاصد الحسنة» (ص: ٢١٠)، «إتقان ما يحسن من الأخبار الدائرة على ألسن الناس» (٣٨٧)، و «كشف الخفاء» (١/ ٢٥١).
(٤) كذا في جميع النسخ، وفي المطبوع: «هاهنا»، وهو أشبه.

<<  <   >  >>