للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«يأكُلُ مَا وَجَدَ» (١)،

فعرفتْ أنَّه نزِهُ (٢) الهمَّةِ، قنوعُ النَّفسِ، ليس بِبَرِمٍ (٣) ولا لُعْمُوظٌ (٤)، ثم أكدَتْ ذلك كلَّه من أوصافِهِ بقولِها: «ولا / يَرْفَعُ اليَوْمَ لِغَدٍ»، أي أنَّه مِمَّنْ لا يُعِدُّ الزَّادَ ويَدَّخِرَهُ، بل يُفنِيهِ من يومِهِ، ويجودُ به لحِينِهِ، ويوسِّعُ عيشَةَ مَنْ معَهَ في جميعِهِ، وقد كانتْ هذه خُلُقَ نبيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - وأشرافِ العربِ، وقد نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عن خلافِها، / فرُوِيَ عن أنسٍ: أنَّه كان - صلى الله عليه وسلم - لَا يَدَّخِرُ شيئًا لِغَدٍ (٥)،

حدَّثنَاهُ


(١) لم أقف على هذه اللفظة في أيٍّ من طرق الحديث، وقد ذكرها الثعالبي منسوبة لقول السابعة، قال في «ثمار القلوب» (ص: ٤٠٠): «وَقَالَت الْمَرْأَة السَّابِعَة في حَدِيث أم زرع تصف زَوجهَا زوجي إِن دخل فَهد وَإِن خرج أَسد يَأْكُل مَا وجد وَلَا يسْأَل عَمَّا عهد وَلَا يتفقد مَا ذهب من الْبَيْت لطيبه نَفسه بذلك قال الراجز:
لَيْسَ بنوام كنوم الفهد ** وَلَا يأكال كَأَكْل العَبْد».اهـ
ونسب هذا الكلام أيضًا من قول الحمراء بنت ضَمْرة بن جابر، فقالت تصف زوجها: « ... هو والله طيب العِرْق، سمين العَرْقِ لا ينام ليلة يَخَاف، ولا يشبع ليلة يُضَاف، يأكل ما وجَدَ، ولا يَسأل عما فَقَد» «مجمع الأمثال» (١/ ٣٩٤)، و «المستقصى في أمثال العرب» (١/ ٤٠٦)
(٢) في المطبوع: «نزيه».
(٣) بَرِمَ بالأَمر بالكسر بَرَمًا إذا سَئِمَهُ فهو بَرِمٌ ضَجِر وقد أَبْرَمَهُ فلان إبْرامًا أي أَمَلَّه وأَضْجَره. «لسان العرب» (برم) (٢/ ٧٣).
(٤) جاء في حاشية (ت): «اللعموظ: الشره النهم»، وينظر: «لسان العرب» (لعمظ» (١٣/ ٢٠٨).
(٥) إسناده حسن؛
أخرجه الترمذي في «الجامع» (٢٣٦٢)، وفي «الشمائل» (٣٣٧)، والطبري في «تهذيب الآثار» (٤٣٧)، والسراج في «البيتوتة» (١)، وابن حبان (٦٣٥٦، ٦٣٧٨)، وابن المزكي في «المزكيات» (١)، وابن عدي (٢/ ٣٨٨، ٣٨٩)، (٧/ ١٨١)، (٨/ ٤٣٠)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي» (٨٧٧)، وابن المقرئ في «المعجم» (٧٩٦)، والدارقطني في «المؤتلف» (٤/ ١٧٥٢)، والبيهقي في «الدلائل» (١/ ٣٤٦)، وفي «الشعب» (١٣٩١، ١٤٠٢)، والخطيب في «التاريخ» (٧/ ٥٨٦)، والبغوي في «شرح السنة» (٣٦٩٠)، وفي «الأنوار في شمائل النبي المختار» (٣٦١)، وفي «التفسير» (٦/ ٢٥٣)، وأبو الغنائم في «فوائد الكوفيين» (٢٦)، وأبو عبد الله الدقاق في «المشيخة» (٢)، وابن المقرب في «الأربعين» (١٢)، وأبو سعد السمعاني في «المنتخب من معجم الشيوخ» (ص: ٤٠٥)، وابن عساكر في «التاريخ» (٤/ ١٢٠)، (١٠/ ٣٨٧)، (٣٢/ ١٩٦)، (٤٠/ ٣٣٩)، وفي «معجم الشيوخ» (١٣٧١)، وأبو الطاهر السلفي في «الأربعون البلدانية» (ص: ١٣٤)، وفي «معجم السفر» (٢١٣)، والضياء في «المختارة» (١٦٠١)، وابن البخاري في «المشيخة» (٣/ ١٦٠٨)، من طريق عن جعفر بن سليمان الضُّبعي، عن ثابت البُنَاني، عن أنس قال: فذكره.
قال الترمذي: «هذا حديث غريب وقد روي هذا الحديث عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا» اهـ.
وقال ابن عدي في ترجمة جعفر بن سليمان بعد أن ساق له عدة أحاديث منها هذا الحديث: «وهذه الأحاديث عن جعفر بن سليمان عن ثابت، عن أنس كلها إفرادات لجعفر لا يرويها عن ثابت غيره، ولجعفر حديث صالح وروايات كثيرة، وهو حسن الحديث، وهو معروف في التشيع وجمع الرقاق وجالس زهاد البصرة فحفظ عنهم الكلام الرقيق في الزهد يرويه ذلك عنه سيار بن حاتم وأرجو أنه لا بأس به.
قال: والذي ذكر فيه من التشيع والروايات التي رواها التي يستدل بها على أنه شيعي فقد روى في فضائل الشيخين أيضا كما ذكرت بعضها وأحاديثه ليست بالمنكرة وما كان منها منكرا فلعل البلاء فيه من الراوي عنه، وهو عندي ممن يجب أن يقبل حديثه». اهـ
وقال ابن عساكر في «المعجم»: هذا حديث حسن صحيح غريب تفرد به قتيبة بن سعيد عن جعفر وأخرجه عنه الترمذي. اهـ
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (٨/ ٥١١): «وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ»! اهـ.

<<  <   >  >>