للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقدَّمَ، إلَّا أنَّه قد يظهرُ لي فيه وجهٌ، وهو أنْ يكونَ معنى: «إذَا خَرَجَ فَهِدَ»، تصفُهُ في (النَّادِي) (١) بالرَّزانَةِ والسَّمْتِ والحياءِ والحِلْمِ والإغْضاءِ تشبيهًا بالفهدِ؛ وذلك أنَّه حيوانٌ ثقيلٌ كثيرُ النَّومِ، على أنَّه سريعُ الوثبِ، موصوفٌ بالحياءِ، وقِلَّةِ الشَّرهِ، أو أنَّها وصفتْهُ إذا خرجَ بالكسبِ والنَّجعةِ كما قدَّمناه في صفاتِ الفهدِ، ويكونُ تأويلُ: «وإذَا دَخَلَ أَسِدَ»: أنْ تكونَ وصفَتْهُ / بالكرمِ في بيتِهِ وبين أقارِبِهِ (٢)، والتَّفضُّلِ والمُواساةِ، والأسدُ يوصفُ بذلك.

وقالوا في المثلِ: «أَكرَمَ مِنْ أَسَدٍ» (٣)، وذكرَ أصحابُ الحيوانِ (٤) أنَّ الأسدَ إذا افترسَ، أكلَ بعضَ فرِيسَتِهِ وتركَ لِمنْ يجتمعُ حولَه من الوُحُوشِ، ولم يُهَاوِشْهُم عليها، ولا دَافَعَهُم عنها، / وأنَّه قلَّما يعرضُ لِصَبِيٍّ ولا امرأةٍ ولا نائمٍ، كَرَمَ طِباعٍ، ونَزَاهَةَ نَفْسٍ، فتقولُ على هذِه الرِّوايةِ: إنَّه داخلًا كالأسدِ كَرَمَ


(١) كذا رسمت في (ل)، وفي باقي النسخ: «الندى»، وضبطت في (ت)، (ع): «الندِيّ»، ولم تضبط في (ك)، (ب)، ولعل ما أثبته هو الأشبه، وقد لخّص ابنُ حجر كلام القاضي عياض فقال: «قال عياض: وقد قلب الوصف بعض الرواة- يعني كما وقع في رواية الزبير بن بكار- فقال: إذا دخل أسد وإذا خرج فهد، فإن كان محفوظًا فمعناه: أنه إذا خرج إلى مجلسه كان على غاية الرزانة والوقار وحسن السمت أو على الغاية من تحصيل الكسب، وإذا دخل منزله كان متفضّلًا مواسيًا لأن الأسد يوصف بأنه إذا افترس أكل من فريسته بعضا وترك الباقي لمن حوله من الوحوش ولم يهاوشهم عليها». اهـ «فتح الباري» (٩/ ٢٦٢).
(٢) طمس في (ت)، والاستدراك من باقي النسخ.
(٣) «مجمع الأمثال» (٢/ ٤٨، ١٧١)، و «المستقصى في أمثال العرب» (١/ ٢٩٤)، و «حياة الحيوان الكبرى» (١/ ١٩).
(٤) ينظر: «الإمتاع والمؤانسة» (ص: ١٥٧)، و «حياة الحيوان الكبرى» (١/ ١٠)، و «صبح الأعشى» (٢/ ٣٩)، و «المستطرف في كل فن مستظرف» (ص: ٣٤٦).

<<  <   >  >>