للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه تَأويلٌ آخرٌ ذهبَ إليه الخطَّابِيُّ (١): أن تكونَ نارُهُ لا تُطفأُ ليلًا ولا نَهارًا، لِيهتدِي له الضِّيفانُ، كما قال الشَّاعر (٢):

متى تأتِهِ تَعْشُو إلى ضَوْء نارِهِ ... تجِدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ مُوقِد

/ وكانتْ عادةُ أجوادِ العربِ وقودَ النِّيرانِ في ظلمِ الليلِ، على مشارفِ الأرضِ؛ / لِينتابَها الضِّيفانُ، وربَّما رفعَتْ على الأيدِي منها الأقباسَ؛ قال الشَّاعرُ (٣):

ومُستَنْبَحٍ بَاتَ الصَّدَى يَسْتَتِيهُهُ ... فَتَاهَ وَجَوْزُ الليلِ مُضْطَرِبَ الكَسْر

رُفِعَتْ لَهُ نَارًا ثَقُوبًا ضِرَامُها ... تُلِيحُ إلى السَّارِي هَلُمَّ إلى القِدْر

وقال آخرُ (٤):

ومُسْتَنْبَحٍ قال الصَّدَى مِثلَ قولِهِ ... حَضَأْتُ لهُ نارًا لَهَا حَطَبٌ جَزْلُ

وَقُمْتُ إلَيهِ مُسْرِعًا فَغَنِمْتُهُ ... مَخَافَةَ قَومِي أَنْ يَفُوزُوا بِهِ قَبْلِي

حَضَأْتَ، وحَضَوْتَ النَّارَ إذا حرَّكتَ جمرَها (٥).


(١) «أعلام الحديث» (٣/ ١٩٩٤).
(٢) البيت من الطويل، وهو للحطيئة، ينظر: «الحيوان» للجاحظ (٥/ ١٣٢)، و «قواعد الشعر» (ص: ٤٧)، و «العقد الفريد» (٦/ ١٢٠)، و «الأمالي» القالي (١/ ١١٦).
(٣) البيتين من الطويل، ينظر: «أعلام الحديث» للخطابي (٣/ ١٩٩٥)، و «الأمالي» للقالي (١/ ٢١٠).
(٤) البيتين من الطويل، ولم أهتد لنسبتهما، ينظر: «ديوان الحماسة» (ص: ١٧٣)، و «الفاضل» (ص: ٣٨)، و «أدب الخواص» (ص: ١١٣).
(٥) «جمهرة اللغة» (حضو) (١/ ٥٤٨).

<<  <   >  >>