للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و «المَهَالِكُ»: المَهَامِي والمَفَاوِزُ، سُمِّيتْ مهالِكٌ؛ لإهلاكِهَا لسُلَّاكِها، وفي تسمِيَتِها مفازةً ثلاثةُ وجوهٍ:

قيلَ: هو بمعنى الهلاكِ أي: مَهلكَة، يُقالُ: فوَّزَ الرَّجلُ إذا هَلَكَ كما قالَ (١):

.............................. ... إذا ما ثَوَى كَعْبٌ وفَوَّزَ جَرْوَلُ

وقيلَ: سُمِّيتْ: مَفَازَةٌ على طريقِ التَّفاؤلِ؛ ليفوزَ سالِكُها، كما قالوا للَّدِيغِ: سَلِيمٌ (٢).

وقِيلَ: بلْ سُمِّيتْ مَفَازَةٌ؛ لأنَّ من قطعَهَا وجاوَزَها فازَ مِنَ الهلاكِ، / فوَصَفَتْ هذِه زوجَها على هذا التَّأويلِ بمعرفتِهِ بالهداية في المفاوزِ والقِفارِ، فهو يتقدَّمُ القومَ لذلك، / قال عَلقمةُ (٣):

وقدْ أَقُودُ أَمَامَ الخَيْلِ سَلْهَبَةً ... يَهدِي بِهَا نَسَبٌ فِي الحَيِّ مَعلومُ


(١) البيت من الطويل، وهو لكعب بن زهير، ينظر: «ديوانه» (ص: ٧٦٣) وتمامه:
فمَنْ للقَوَافي شانَها مَنْ يَحُوكُها ** إذا ما ثَوَى كَعْبٌ وفَوَّزَ جَرْوَلُ.
(٢) أخرج البخاري (٥٠٠٧)، ومسلم (٢٢٠١/ ٦٦)، من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قال: كُنَّا في مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ، فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدَ الحَيِّ سَلِيمٌ، وَإِنَّ نَفَرَنَا غَيْبٌ، فَهَلْ مِنْكُمْ رَاقٍ؟ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ، فَرَقَاهُ فَبَرَأَ، فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاثِينَ شَاةً، وَسَقَانَا لَبَنًا، فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً- أَوْ كُنْتَ تَرْقِي؟ - قال: لا، مَا رَقَيْتُ إِلَّا بِأُمِّ الكِتَابِ، قُلْنَا: لا تُحْدِثُوا شَيْئًا حَتَّى نَأْتِيَ- أَوْ نَسْأَلَ- النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ ذَكَرْنَاهُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقال: «وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ».
(٣) البيت من البسيط، وهو لعلقمة بن عبدة في «ديوانه» (ص: ٤٨)، و «المفضليات» (ص: ٤٠٣).

<<  <   >  >>