للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الخليلُ (١) - رحمه الله -: غارَ الرَّجلُ غارةً (٢) وغَيْرًا (٣) فهو غَيْرَانُ، فكأنَّ الهاءَ حُذفتْ وأُبدِلتْ مِنَ الألفِ ياءٌ.

وقد حكى غيرُه: الغَيْرَةُ، والغَيْرُ، والغَارُ بمعنًى. والغَيرُ أيضًا مصدرُ غَارَ أهلَهُ، أي: مَارَهُمْ، قالَهُ (٤) ابنُ دُريدٍ (٥).

ومن رَواه: «حَيْرُ» فمِنَ الحَيْرَةِ، وكذا وقعَ في كتابِ النَّسائِيِّ عند بعضِهم، وأرَاهُ هكذا عندَ ابنِ الأحمرِ القُرَشِيِّ.

قال صاحبُ «العَيْنِ» (٦): حارَ بصَرُهُ يَحارُ حَيْرًا وحَيْرَةً، إذا نظرَ إلى الشَّيءِ فعَشِيَ (٧) وتَحَيَّرَ، واسْتَحَارَ إذا لمْ يهتَدِ لسبيلِهِ فهو حَيْرانُ. وهذه الألفاظُ كلُّها بمعنًى متقاربٍ مِنَ الرِّوايةِ المشهورةِ، أعني: «غَيْظُ جَارَتِهَا».

ومَنْ رَواهُ: «حَبْرُ» بالباءِ- وكذا وجدْتُه في بعضِ الأصولِ ولم أروِهِ- فإنْ صحَّ فهو مِنْ معنى قولِها قَبْلُ: «طَوْعُ أبِيهَا وأُمِّهَا، وَحَبْرُ جَارَتِها»، أي: مَسَرَّةُ مُجاوِرَتِهَا، ولا تكونُ الجَارةُ هُنا الضَّرَّةُ، لكنْ المُجاورَةُ في المحلِّ والمنزلِ، فهي مسرورةٌ بما تراهُ مِنْ جمالِهَا وعِفَّتِها، أو بِمَا تُوَلِّيهَا منْ إحسانِهَا ونعمتِهَا.


(١) ينظر: «المخصص» (١/ ٣٥٩).
(٢) في (ب)، والمطبوع: «غيرة».
(٣) في (ب): «وغارا».
(٤) في (ب): «قال».
(٥) «جمهرة اللغة» (٢/ ٧٨٣)، وينظر: «تصحيح الفصيح» (ص: ١٩٩)، و «تهذيب اللغة» (٨/ ١٦١)، و «الصحاح» (٢/ ٧٧٦)، و «مقاييس اللغة» (٤/ ٤٠٤).
(٦) «العين» (٣/ ٢٨٨).
(٧) في (ب): «فغشي»، وكذا في «العين».

<<  <   >  >>