للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عِلَّةٍ ارتفعَ الاحتمالُ. علَى أنَّ هذا الكلامَ بعيدٌ مِنْ لفظِ (١) كلامِ أمِّ زرعٍ جدًّا.

ويُعضَّدُ التَّأويلَ الآخرَ: قولُه في الرِّوايةِ الأُخرى: «يَلعَبَانِ مِنْ تَحْتِهَا»، / و «مِنْ تَحْتِ / صَدْرِهَا»، وقولُه في روايةِ غُنْدَرٍ (٢): «يُلْعَبُ مِنْ تَحْتِ دِرْعِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ»؛ ولأنَّ العادةَ لمْ تجرِ بلعبِ الصِّبيانِ ورميِهِم بالرُّمانِ تحتَ أصلابِ أمَّهاتِهِم، وكيفَ تجلسُ هذِهِ المرأةُ لهم وتسْتَلقِي حتَّى / يُشاهِدَ منها الرِّجالُ هذا ومِنْهُمْ؟

وأيضًا: فإنَّ حملَ «الرُّمَّانَتينِ» بالألفِ واللامِ على ما وقعَ في بعضِ الرِّواياتِ على رُمَّانتينِ مِنَ الرُّمَّانِ لا يجوزُ في العربِيَّةِ؛ لأنَّ رُمَّانَتينِ مِنَ الرُّمَّانِ نَكِرتَانِ، ولَا يَصحُّ أنُ تَدْخُلَ (٣) فيها الألفُ واللامُ، ولا يصحُّ أنْ يُريدَ رُمَّانَتَينِ مِنَ الرُّمَّانِ معهودَتَينِ، والأشبهُ أنْ يكونَ المرادُ بِهما النَّهدينِ، ويكونَ قولُه: «يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا، أَوْ صَدْرِهَا»: / أي أنَّ ذلك مكانُ الولدَين، لا مكانُ الرُّمَّانتينِ، وأنَّ ولدَيهَا كانَا في حِضْنَيْهَا، أو حَفَافَيْ جنبَيْهَا.

وتشبيهُهُ النَّهدَينِ بالرُّمَّانتين؛ يدلُّ على نُهودِهِما وكُعُوبِهِما، وذلك لِصغرِها، وفَتَاءِ سِنِّهَا، وأنَّها بَعْدُ مِمَّنْ لمْ تُسِن وتَتَرهَّلْ وتُهَبَّلْ، فتنكسِرْ ثديَاها وتَتَدَلَّى، وليسَ يُشبَّهَانِ حينئذٍ بالرُّمَّانِ.

وذهب الدَّاوُدِيُّ (٤) أنَّ معنى هذا: أي يَرمِيَان مِنْ تحتِها إذا رقدَتْ على


(١) في المطبوع: «نمط».
(٢) بل هي رواية محمد بن جعفر الوركاني كما سبق.
(٣) في (ب)، والمطبوع: «يدخل».
(٤) أحمد بن نصر، أبو جعفر الأزدي الداودي المالكيّ الفقيه، ألف كتاب «النامي في شرح الموطأ»، و «الواعي في الفقه»، و «النصحية في شرح البخاري»، و «الإيضاح في الرد على القدرية» وغير ذلك. (ت: ٤٠٢ هـ)». «تاريخ الإسلام» (٩/ ٤١)، و «الديباج المذهب» (١/ ١٦٦)، و «الأعلام» (١/ ٢٦٤)، و «معجم أعلام الجزائر» (ص: ١٤١).

<<  <   >  >>