للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعربات وسيارات، وجياد صافنات، ووصائف وولائد، تحيط بالمجالس والموائد، إحاطة القلائد، بأعناق الخرائد، وخدم حسان، تنتقل في الغرف والقيعان، تنقل الولدان، في غرف الجنان.

في ليلة من ليالي الشتاء حالكة الجلباب، غدافية١ الإهاب، أفاق صاحب القصر من غشيته فتحرك في سريره وفتح عينيه فلم ير أمامه غير خادمه "بلال" وهو خصي أسود من ذوي الأسنان رباه صغيرا وكفله كبيرا, وكان يجمع بين فضيلتي الذكاء والوفاء فأشار إليه إشارة الواله المتلهف أن يأتيه بجرعة ماء فجاءه بها فتساند على نفسه حتى شرب, وكأن الماء قد حل عقدة لسانه فسأله: في أي ساعة من ساعات الليل نحن يا بلال؟ فأجابه: نحن في الهزيع الأخير يا سيدي، فقال: ألم تعد سيدتك إلى الآن، قال: لا، فامتعض امتعاضا شديدا وزفر زفرة كادت تخترق حجاب قلبه, ثم أنشأ يتكلم كأنما يحدث نفسه ويقول: إنها تعلم أني مريض وأني في حاجة إلى من يسهر بجانبي ويتعهد أمري ويرفه٢ عني بعض ما أعالجه, وليس بين سكان القصر من هو أولى بي وأقوم علي منها، أين وفاؤها الذي كانت تزعمه وتقسم لي بكل محرجة من


١ الغداف الغرب الأسود وليلة غدافية شبيهة به.
٢ رفه عنه نفس عنه وخفف.

<<  <  ج: ص:  >  >>