للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإيمان عليه، أين حبها الذي كانت تهتف به في صباحها ومسائها وبكورها وأصائلها، أين النعيم الذي كنت أقلبها في أعطافه والعيش الرغد الذي كنت أرشفها كئوسه، أأن علمت أني أصبحت بين حياة لا أرجوها وموت لا أجد السبيل إليه برمت١ بي واستثقلت ظلي واستبطأت أجلي واستطالت ضجعتي فهي تفر من وجهي كل ليلة إلى حيث تجد لذات العيش ومواطن السرور، آه من العيش ما أطوله، وآه من الموت ما أثقله.

وما زال يحدث نفسه بمثل هذه الأحاديث حتى هاج ساكنه, واضطربت أعصابه فعاودته الحمى وغلى رأسه بنارها غليان القدر بمائها, فسقط على فراشه ساعة تجرع فيها من كأس الموت جرعا مريرة بيد أنه لشقائه لم يأت على الجرعة الأخيرة منها.

أفاق من غشيته مرة ثانية فلم ير بجانبه تلك التي تسيل نفسه حسرات عليها فسأل الخادم ألا تعلم أين ذهبت سيدتك يا بلال؟، قال: خير لك ألا تنتظرها يا مولاي وألا تلومها في بعدها عنك, فإن لها عند بعض الناس دينا فهي تخرج كل ليلة لتتقاضاه، قال: ما عرفت قبل اليوم أن بينها وبين أحد من الناس شيئا من


١ برم به سئمه وضجر منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>