للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مغرورا غره شبابه وماله وعزه وجاهه فظن أنه قد أخذ على الدهر عهدا بالسلامة والبقاء فانطلق في سبيله لا يلوي على شيء مما وراءه حتى سقط في الحفرة التي احتفرها لنفسه، قالت: أتعلم ماذا يكون حال هذا القصر من بعده، قال: لا أعلم إلا أنه سيكون لولده، قالت: ولكني أعلم أنه سيكون لفلان، قال: إن فلانا ليس وريث السيد بل صديقه، قالت: إنه ليس بصديق السيد بل صديق السيدة، فهو خاطب زوجته قبل وفاته، وزوجها بعد مماته.

فما سمع السيد هذه الكلمات حتى اضطرب اضطرابا شديدا وسقط عن كرسيه وهو يقول: أشهد أني من الأشقياء, وما زال في غشيته تلك حتى صحا صحوة الموت وفتح عينيه فرأى بين يديه هذا المنظر المحزن المؤلم.

رأى ولده لاهيا بمحادثة فتاة من فتيات القصر، ورأى زوجته تضاحك تربا من أترابها وتغمزها بطرفها أن قد حان حينه ودنا أجله، ورأى صديقه أو ولي عهده يأمر في القصر وينهى ويتصرف تصرف السيد المطاع، ورأى نفسه يعالج سكرات الموت ويعد عدته للانتقال من القصر إلى القبر، وهنا سمع كأن هاتفا يهتف به من السماء ويقول: أيها الرجل، لو وفيت لزوجك

<<  <  ج: ص:  >  >>