للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا رسولا ولا نفقة، فاستكتبت إليه الكتاب بعد الكتاب فما أسلس قياده، ولا طاوع عناده، فسافرت إليه مخاطرة بنفسي غير مبالية بغضبه لأعلم غاية شأنه وشأني معه، فما نزلت من القطار حتى قيض الله لي من وقفني على حقيقة أمره وأعلمني أنه تزوج من فتاة متعلمة تقرأ له الجرائد والروايات وتفاوضه في المسائل الاجتماعية والسياسية وتحسن الرقص والغناء والتوقيع على "البيان"، فداخلني من الهم ما الله به عليم، وجزعت ولكن أي ساعة مجزع، ولا أظن إلا أن العدل الإلهي سيحاسبه على كل قطرة من قطرات الدموع التي أرقتها في هذا السبيل حسابا غير يسير.

وكأنه شعر بمكاني فجاء إلي يتهددني ويتوعدني فتوسلت إليه ببكاء طفلته التي كنت أحملها بين يدي وذكرته بالعهود والمواثيق التي تعاقدنا عليها, وذهبت إلى استعطافه كل مذهب فكنت كأنني أخاطب ركودا صماء١، أو أستنزل أبودا عصماء٢، ثم طردني وأمر من حملني إلى المحطة فعدت من حيث أتيت


١ الركود من الركود وهو الثبات والسكون، والصخرة الصماء الصلبة المصمتة.
٢ أبدت البهيمة توحشت، والعصماء من الظباء التي في ذراعيها بياض وسائرها أسود.

<<  <  ج: ص:  >  >>