فما وصلت إلى المنزل حتى خلعت ملابسي ولبست هذه الثياب, وجئتك متنكرة في ذمام الليل؛ لأني وحيدة في هذا العالم لا قريب لي ولا حميم؛ ولأني أعلم كرمك وهمتك وما بينك وبين ذلك الرجل من الود والاتصال عسى أن ترى لي رأيا في التفريق بيني وبينه علني أجد في فضاء الحرية منفذا كسم الخياط أرتشف منه ما أتبلغ به أنا وطفلتي حتى يبلغ الكتاب أجله.
فأحزنني من أمر تلك الفتاة البائسة ما أحزنني ووعدتها بالنظر في أمرها بعد أن خفضت كثيرا من أحزانها ولواعجها، فعادت إلى منزلها وعدت إلى مضجعي أفكر في هذه الحادثة الغريبة وقد اكتنفني همان: هم تلك البائسة التي لم أر في تاريخ شقاء النساء قلبا أشقى من قلبها، ولا نجما أنحس من نجمها، وهم ذلك الصديق الذي ربحته سنين طوالا وخسرته في ساعة واحدة, فقد كنت أغبط نفسي عليه فأصبحت أعزيها عنه، وكنت أحسبه إنسانا فإذا هو ذئب عملس١ تسترة الصورة البشرية وتواريه البشاشة والابتسام.
هذا ما قصه علي ذلك الصديق الكريم: ثم لم أعد أعلم بعد ذلك ما تم من أمره مع تلك الفتاة المسكينة ولا ما تم من أمرها