للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يتركون صادحا ولا باغما، ولا خفا ولا حافرا، ولا شيئا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها إلا أتوا عليه.

أسوأ الإحسان:

لم أر مالا أضيع ولا عملا أخيب ولا إحسانا أسوأ من الإحسان إلى هؤلاء المتسولين الذين يطوفون الأرض ويقلبونها ظهرا على عقب ويجثمون في مفارق الطرق وزوايا الدروب وعلى أبواب الأضرحة والمزارات يصمون الأسماع بصريخهم، ويقذون النواظر بمناظرهم المستبشعة، ويزاحمون بمناكبهم الفارس والراجل والجالس والقائم، فلو أن نجما هوى إلى الأرض لهووا على أثره, أو طائرا طار إلى الجو لكانوا قوادمه وخوافيه.

وإن شئت أن تعرف المتسول معرفة حقيقية لتعرف هل يستحق عطفك وحنانك عليه, وهل ما تسديه إليه من المعروف تسديه إلى صاحب حاجة, فاعلم أنه في الأعم الأغلب من أحواله رجل لا زوجة له ولا ولد ينفق عليهما ولا مسكن عنده يحتاج إلى مؤن ومرافق ولا شهوة له في مطعم أو مشرب أو ملبس حتى لو علم أن الانقطاع عن ذلك الخسيس من الطعام والقذر من الشراب لا يقعده عن السعي في سبيله لانقطع عنه، وهو لو

<<  <  ج: ص:  >  >>