للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاء أن يتزوج أو يتخذ له مأوى يأوي إليه لفعل, ولوجد في حرفته متسعا لذلك، ولكنه الحرص قد أفسد قلبه وأمات نفسه، فهو يتوسل بأنواع الحيل وصنوف الكيد ليجمع مالا لا فائدة له من جمعه ولا نية له في إصلاح شأن نفسه به إذا اجتمع عنده منه ما يقوم له بذلك, بل ليدفنه في باطن الأرض حتى يدفن معه, أو لينظمه في سلك مرقعته حتى يرثه الغاسل من بعده. ولقد يبلغ به الحرص الدنيء والشره السافل أن يحمل في سبيل المال ما لا يستطيع مجاهد أن يحمل مثله في سبيل الله فيتعمد قطع يده أو ساقه أو إتلاف عينيه أو إحداهما ليستعطف القلوب عليه، وكثيرا ما يحسد صاحبه إذا رآه أفظع منه شكلا أو أكثر تشويها كما يحكي أن شحاذا مقطوع الساق قد وضع مكانها أخرى من الخشب تقابل مع آخر كفيف البصر فتنافسا في مصيبتيهما أيتهما أقذى للأعين وأوقع في النفس وأجلب للرحمة، فقال الأول للثاني: لقد وهبك الله نعمة العمى ومنحك بسلب ناظريك أفضل حبالة لاصطياد القلوب، واستفراغ الجيوب، فقال له صاحبه: وأين يبلغ العمى من هذه الرجل الضخمة الثقيلة التي تجلب في كل عام وزنها ذهبا.

إن أكبر جريمة يجرمها الإنسان إلى الإنسانية أن يساعد

<<  <  ج: ص:  >  >>