أنها تنفعه أو تغني عنه شيئا، وهي وسيلة الشتم والسباب.
إن لإخلاص المتكلم تأثيرا عظيما في قوة حجته وحلول كلامه المحل الأعظم من القلوب والأفهام، والشاتم يعلم الناس جميعا أنه غير مخلص فيما يقول، فعبثا يحاول أن يحمل الناس على رأيه أو يقنعهم بصدقه وإن كان أصدق الصادقين.
أتدري لم يسب الإنسان مناظره؛ لأنه جاهل وعاجز معا، أما جهله؛ فلأنه يذهب في واد غير وادي مناظره وهو يظن أنه في واديه؛ ولأنه ينتقل من موضوع المناظرة إلى النظر في شئون المناظر وأطواره كأن كل مبحث عنده مبحث "فسيولوجي"، وأما عجزه؛ فلأنه لو عرف إلى مناظره سبيلا غير هذا السبيل لسلكه وكفى نفسه مئونة ازدراء الناس إياه, وحماها من الدخول في مأزق هو فيه من الخاسرين محقا كان أم مبطلا.
لا يجوز بحال من الأحوال أن يكون الغرض من المناظرة شيئا غير خدمة الحقيقة وتأييدها، وأحسب أن لو سلك الكتاب هذا المسلك في مباحثهم لاتفقوا على مسائل كثيرة هم لا يزالون مختلفين فيها، وما اختلفوا فيها؛ إلا لأنهم فيما بينهم مختلفون، يسمع أحدهم الكلمة من صاحبه ويعتقد أنها كلمة حق لا ريب فيها, ولكنه يبغضه فيبغض الحق من أجله فينهض للرد عليه بحجج