للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واهية وأساليب ضعيفة وإن كان هو قويا في ذاته؛ لأن القلم لا يقوى إلا إذا استمد من القلب فإذا عي بالحجج والبراهين لجأ إلى المراوغة والمهاترة، فيقول لمناظرة مثلا إنك رجل جاهل لا يعتد بآرائك أو إنك رجل مضطرب الرأي لا ثبات لك؛ لأنك تقول اليوم غير ما قلت بالأمس، وهنالك يقول له الناس رويدا لا تخلط في كلامك، ولا تراوغ في مناظرتك، ولا شأن لك بعلم صاحبك أو جهله، فإنه يقول شيئا فإن كان صحيحا فسلم به أو باطلا فبين لنا أوجه بطلانه، وهبه قولا لا تعلم قائله، ولا شأن لك باضطراب القائل وثباته، فربما كان بالأمس على رأي تبين له خطؤه اليوم، والمرء يخطئ مرة ويصيب، فإذا ضاق بمناظره وبالناس ذرعا فر إلى أدنى الوسائل وأضعفها فسب مناظره وشتمه وذهب في التمثيل به كل مذهب فيسجل على نفسه الفرار من تلك الحرب والانخذال في ذلك الميدان.

على أن أكثر الناس متفقون على ما يظنون أنهم مختلفون فيه، فإن لكل شيء جهتين، جهة مدح وجهه ذم، فأما أن تتساويا أو تكبر إحداهما الأخرى، فإن كان الأول فلا معنى للاختلاف؛ وإن كان الثاني وجب على المختلفين أن يعترف كل

<<  <  ج: ص:  >  >>