منهما لصاحبه ببعض الحق لا أن يكون كل منهما من سلسلة الخلاف في طرفها.
كان يقع بين ملك من الملوك ووزيره خلاف في مسائل كثيرة حتى يشتد النزاع, وحتى لا يلين أحدهما لصاحبه في طرف مما يخالفه فيه، فحضر حوارهما أحد الحكماء في ليلة وهما يتناظران في المرأة، يعلو بها الملك إلى مصاف الملائكة، ويهبط بها الوزير إلى منزلة الشياطين، ويسرد كل منهما على مذهبه أدلته، فلما علا صوتهما واشتد لجاجهما خرج ذلك الحكيم وغاب عن المجلس ساعة, ثم عاد وبين أثوابه لوح على أحد وجهيه صورة فتاة حسناء وعلى الآخر صورة عجوز شوهاء، فقطع عليهما حديثهما وقال لهما: أحب أن أعرض عليكما هذه الصورة، ليعطيني كل منكما رأيه فيها، ثم عرض على الملك صورة الفتاة الحسناء فامتدحها ورجع إلى مكان الوزير وقد قلب اللوح خلسة من حيث لا يشعر واحد منهما بما يفعل وعرض عليه صورة العجوز الشمطاء فاستعاذ بالله من رؤيتها وأخذ يذمها ذما قبيحا، فهاج غيظ الملك على الوزير وأخذ يرميه بالجهل وفساد الذوق وقد ظن أنه يذم الصورة التي رآها هو, فلما عاد إلى مثل ما كانا عليه من الخلاف الشديد تعرض لهما الحكيم وأراهما اللوح من جهتيه فسكن ثائرهما وضحكا