للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بينهم وبين سعادة العيش وهنائه سدا لا تنفذه المعاول، ولا تنال من أيده الزلازل.

خفض عليك قليلا أيها الطالب فالأمر أهون مما تظن وأصغر مما تقدر، واعلم وما أحسبك إلا عالما أنك لم تسقط من قمة جبل شامخ إلى سفح متحجر فتبكي على شظية طارت من شظايا رأسك، أو دم مسفوح تدفق من بين لحييك.

إنك قد سعيت إلى غرض فإن كنت هيأت له أسبابه، وأعددت له عدته، وبذلت له من ذات نفسك ما يبذل مثله الباذلون في مثله، فقد أعذرت إلى الله وإلى الناس وإلى نفسك, فحري بك أن لا تحزن على مصاب لم يكن أثرا من آثار يديك، ولا جناية من جنايات نفسك عليك، وإن كنت قصرت في تلمس أسبابه، ومشيت في سبيله مشية الظالع المتقاعس، فما حزنك على فوات غرض كان جديرا بك أن تترقب فواته قبل وقت فواته؟ وما بكاؤك على مصاب كان خيرا لك أن تعلم وقوعه قبل يوم وقوعه؟ ما لك تبكي بكاء الواثق بمواتاة الأيام ومطاوعة الأقدار, فهل تستطيع أن تبرز لنا صورة العهد الذي أخذته على الدهر أن يكون لك كما تحب وتشتهي وعلى الفلك أن لا يدور إلا بسعدك، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>