يجري إلا بجدك، وعلى القلم أن لا يكتب في لوحه إلا ما دللته عليه، وأوحيت به إليه.
لا تجعل لليأس سبيلا إلى نفسك, فلعل الأمل يعوض عليك في غدك ما خسرت في أمسك، وامض لشأنك ولا تلتفت إلى ما وراءك، فإن تم لك في عامك المقبل من طلبتك ما أردت فذاك، أو لا فما فقدت إذ فقدت الا ورقة كان كل ما تستفيده منها أن تشتري بها قيدا لرجلك، وغلا لعنقك، ثم ترتبط في سجن من سجون الحكومة بجانب رئيس من الرؤساء المدلين بأنفسهم يسومك من الذل والخسف ما لا يحتمله الأسراء في سجون الآسرين.
إن اعتدادك بهذه الورقة هذا الاعتداد وإكبارك إياها هذا الإكبار دليل على أنك كنت تريد أن تجعلها منتهى أملك وغاية همتك، وأنك لا ترى بعدها مزيدا من الكمال لمستزيد، فإن صدقت فراستي فيك فاعلم أن الله قد خار لك في هذا المصير وساق إليك من الخير ما لا تعرف السبيل إليه، إنه ما خيب رجاءك في هذا الكمال الموهوم إلا لتطلب لنفسك كمالا معلوما، وما صرف عنك هذه الشهادة المكتوبة في صفحات الأوراق إلا لتسعى وراء الشهادة المكتوبة في صفحات القلوب.