كل غرض تزعمون أنكم تسعون إليه لإبلاغ هذه الأمة أمنيتها من السعادة والهناء، لا قيمة له بعد ما أضعتم عليها غرضها من الاتحاد والائتلاف، بل لا سبيل لها إلى بلوغ غرض من أغراضها إلا إذا كان الاتحاد قائدها إليه، ودليلها عليه.
ليس هذا التنافر بين أفراد الأمة والتفرق بين جماعاتها حالة من الحالات الطبيعية التي لا بد منها، ولا مناص عنها، أو حادثة من الحوادث السماوية التي تحتملها النفوس، وتسكن إليها القلوب، وتطرف عليها العيون إجلالا للسماء، ورضاء للقضاء، وإنما هي صنعة أيديكم، وجناية أقلامكم، ولو أنكم تركتم هذه الأمة وشأنها، وخليتم بينها وبين فطرتها، ما كان يخطر لها ببال أن تتعادى وأن تتباغض ولا كان يوجد بين أفرادها من تحدثه نفسه بمقاطعة أخيه في سبيل صحيفة من الصحف أو حزب من الأحزاب.
عجز الاختلاف الديني بين عنصري الأمة المصرية عن أن يفرق بين أوصالها، وأن يحل جامعتها، وعجز الاختلاف الجنسي أن يؤثر في جامعتها تأثير أمثاله في أمثالها من الجوامع الأخرى، فكان حريا أن يعجز الاختلاف السياسي، عما عجز عنه الاختلاف