للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فما زلت أجد وأكدح حتى بلغت المنزلة التي تراها، وبيني وبين علي ما تعلم من الشأو البعيد والمدى المستحيل، فهل يسرك وقد طلبت منزلتي أن يكون ما بينك وبيني من المدى مثل ما بيني وبين علي.

كثيرا ما يخطئ الناس في التفريق بين التواضع وصغر النفس، وبين الكبر وعلو الهمة، فيحسبون المتذلل المتملق الدنيء متواضعا، ويسمون الرجل إذا ترفع بنفسه عن الدنايا وعرف حقيقة منزلته من المجتمع الإنساني متكبرا، وما التواضع إلا الأدب، ولا الكبر إلا سوء الأدب، فالرجل الذي يلقاك متبسما متهللا، ويقبل عليك بوجهه ويصغي إليك إذا حدثته، ويزورك مهنئا ومعزيا، ليس صغير النفس كما يظنون، بل هو عظيمها؛ لأنه وجد التواضع أليق بعظمة نفسه فتواضع، والأدب أرفع لشأنه فتأدب.

فتى كان عذب الروح لا من غضاضة ... ولكن كبرا أن يقال به كبر

فإن بلغ الذل بالرجل ذي الفضل أن ينكس رأسه للكبراء ويترامى على أيديهم وأقدامهم لثما وتقبيلا، ويتبذل بمخالطة السوقة والغوغاء بلا ضرورة ولا سبب، ويكثر من شتم نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>