للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتحقيرها ورميها بالجهل والغباوة ليكون متواضعا، ويبصبص برأسه بصبصة الكلب بذنبه ليكون متأدبا، ويجلس في مدارج الطرق جلسة البائس المتسول، ويمشي مشية الخائف المبلس، فاعلم أنه صغير النفس ساقط الهمة لا متواضع ولا متأدب.

إن علو الهمة ساقط إذا لم يخالطه كبر يزري به ويدعو صاحبه إلى التنطع وسوء العشرة كان أحسن ذريعة يتذرع بها الإنسان إلى النبوغ في هذه الحياة، وليس في الناس من هو أحوج إلى علو الهمة من طالب العلم؛ لأن حاجة الأمة إلى نبوغه أكثر من حاجتها إلى نبوغ سواه من الصانعين والمحترفين، وهل الصانعون والمحترفون إلا حسنة من حسناته، وأثر من آثاره، بل هو البحر الزاخر الذي تستقي منه الجداول والغدران.

فيا طالب العلم كن عالي الهمة، ولا يكن نظرك في تاريخ عظماء الرجال نظرا يبعث في قلبك الرهبة والهيبة فتتضاءل وتتصاغر كما يفعل الجبان المستطار حينما يسمع قصة من قصص الحروب، أو خرافة من خرافات الجن، وحذار أن يملك اليأس عليك قوتك وشجاعتك فتستسلم استسلام العاجز الضعيف, وتقول من لي بسلم أصعد عليها إلى السماء حتى أصل إلى قبة الفلك فأجالس فيها عظماء الرجال.

<<  <  ج: ص:  >  >>