للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تمطق الشفاه بريقتها، حتى تسف، وتتبذل، وحتى ما تكاد تسيغها الحلوق، ولا تطرف عليها العيون، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

يخيل إلي أن الكتاب في هذا العصر يكتبون لأنفسهم أكثر مما يكتبون للناس، وأن كتابتهم أشبه شيء بالأحاديث النفسية التي تتلجلج من نفس الإنسان حينما يخلو بنفسه، ويأنس بوحدته، فإني لا أكاد أرى بينهم من يضع فمه على أذن السامع وضعا محكما، وينفث في روعه ما يريد أن ينفث من خواطر قلبه، وهواجس نفسه.

البيان صلة بين متكلم يفهم، وسامع يفهم، فبمقدار تلك الصلة من القوة والضعف تكون منزلة الكاتب من الرفعة والسقوط، فإن أردت أن تكون كاتبا فاجعل هذه القاعدة في البيان قاعدتك، واحرص الحرص كله على أن لا يخدعك عنها خادع فتسقط مع الساقطين.

ما أصيب البيان العربي بما أصيب به إلا من ناحية الجهل بأساليب اللغة العربية، ولا أدري كيف يستطيع الكاتب أن يكون كاتبا عربيا قبل أن يطلع على أساليب العرب في أوصافهم ونعوتهم، ومدحهم وهجوهم، ومحاوراتهم ومساجلاتهم، وقبل

<<  <  ج: ص:  >  >>