للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يعرف كيف كانوا يعاتبون ويؤنبون، ويعظون وينصحون، ويتغزلون وينسبون، ويستعطفون ويسترحمون، وبأي لغة يحاول أن يكتب ما يريد إن لم يستمد تلك الروح العربية استمدادا يملأ ما بين جوانحه حتى يتدفق مع المداد من أنبوب يراعه على صفحات قرطاسه.

إني لأقرأ ما كتبه الجاحظ وابن المقفع والصاحب الصابي والهمذاني والخارزمي وأمثالهم من كتاب العربية الأولى, ثم أقرأ ما خطه هؤلاء الكاتبون في هذه الصحف والأسفار فأشعر بما يشعر به المنتقل دفعة واحدة من غرفة محكمة نوافذها، مسبلة ستورها، إلى جو يسيل قرا وصرا، ويترقرق ثلجا وبردا.

ذلك لأني أقرأ لغة لا هي بالعربية فأغتبط بها، ولا هي بالعامية فأتفكه بهذيانها ومجونها.

رأيت أكثر الكاتبين في هذا العصر بين رجلين، رجل يستمد روح كتابته من مطالعة الصحف وما يشاكلها في أساليبها من المؤلفات الحديثة والروايات المترجمة، وربما كان كتاب تلك المخطوطات أحوج من قارئيها إلى الاستمداد، فإذا علقت بنفسه تلك الملكة الصحفية ألقى بها في روع قارئ كتابته أدون مما أخذها فيدلي به آخذها كذلك إلى غيره أسمج صورة وأكثر

<<  <  ج: ص:  >  >>