للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تشويها، وهكذا حتى لا يبقى فيها من روح العربية إلا كما يبقى من الأطلال البالية بعد كر الغداة ومر العشي، وطالب قصارى ما يأخذ عن أستاذه نحو اللغة وصرفها وبديعها وبيانها ورسمها وإملاؤها ومفرداتها ومتونها ومؤتلفاتها ومختلفاتها وغير ذلك من آلاتها وأدواتها، أما روحها وجوهرها فأكثر أساتذة البيان في المدارس علماء غير أدباء، وحاجة طالب اللغة إلى أستاذ يفيض عليه روح اللغة ويوحي له بسرها، ويفضي إليه بلبها وجوهرها، أكثر من حاجته إلى أستاذ يعلمه وسائلها وآلاتها، وعندي أن لا فرق بين أستاذ الأخلاق وأستاذ البيان، فكما أن طالب الأخلاق لا يستفيدها إلا من أستاذ كملت أخلاقه، وحسنت آدابه، كذلك طالب البيان لا يستفيده إلا من أستاذ مبين.

ولا يقذفن في روع القارئ أني أحاول استلاب فضل الفاضلين أو أني أنكر على فصحاء هذه اللغة ما وهبهم الله من نعمة البيان، فما هذا أردت، ولا إليه ذهبت، وإنما أقول إن عشرة من الكتاب المجيدين، وخمسة من الشعراء البارعين، قليل في بلد يقولون عنه إنه بلد اللغة العربية اليوم ومرعاها الخصيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>