للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد فإني لا أرى لك يا طالب البيان العربي سبيلا إليه إلا مزاولة المنشئات العربية منثورها ومنظومها, والوقوف بها وقوف المتثبت المتفهم لا وقوف المتنزه المتفرج، فإن رأيت أنك قد شغفت بها، وكلفت بمعاودتها والاختلاف إليها، وأن قد لذ لك منها ما يلذ للعاشق من زورة الطيف في غرة الظلام، فاعلم أنك قد أخذت من البيان بنصيب فامض لشأنك ولا تلو على شيء مما رواءك حتى تبلغ من طلبتك ما تريد.

ولا تحدثنك نفسك أني أحملك على مطالعة المنشئات العربية لأسلوب تسترقه، أو تركيب تختلسه، فإني لا أحب أن تكون سارقا ولا مختلسا، على أنك إن ذهبت إلى ما ظننت أني أذهب إليه في نصيحتك لم يكن دركك دركا، ولا بيانك بيانا، وكان كل ما أفدته١ من ذلك أن تخرج للناس من الباين صورة مشوهة لا تناسب بين أجزائها، وبردة مرقعة لا تشابه بين ألوانها، وإنما أريد أن تحصل لنفسك ملكة في البيان راسخة تصدر عنها آثارها بصورة واحدة حتى لا يكون شأنك شأن أولئك الذين قد علقت ذاكرتهم بطائفة من منثور العرب ومنظومها فقنعوا بها, وظنوا أنهم قد بلغوا من اللغة ما أرادوا،


١ أفاد واستفاد بمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>