للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يغضي لمروءة، أو شحيحا لا يشرك صاحبه في مطعم ولا مشرب، ولا يفتح بابه لضيف زائر، أو طارق حائر.

إن كان حقا ما يقولون من أن التمدين يصقل الطباع الخشنة، ويقوّم الألسنة المعوجة، ويهذب النفوس الجافية، ويوسع الصدور الحرجة، فكثير ممن ندعوهم متمدينين متوحشون، وكثير ممن نسميهم همجيين مهذبون.

لو كان بي أن أكتب لمحو الفساد من المجتمع الإنساني والقضاء على شروره وآثامه لما حركت يدا، ولا جردت قلما؛ لأني أعلم كما يعلم الناس جميعا أن طلب المحال عثرة من عثرات النفوس، وضلة من ضلالات العقول، ولكنني أطلب مطلبا واحدا لا أرى في عقول الناس وأفهامهم ما يحول بينهم وبين تصوره وإدراكه، أن يهذبوا قليلا من هذه المصطلحات التي أنسوا بها، والعناوين التي جمدوا عليها. فلا يسمون المنافق تقيا، ولا المخادع وطنيا، ولا المتمجد ماجدا، ولا البخيل غنيا، ولا المفلوك مجرما، ولا المتوحش متمدينا، حتى لا ينزع محسن عن إحسانه، ولا يستمر مسيء في إساءته.

<<  <  ج: ص:  >  >>