غير سبيل سوى سبيل المجد المصنوع، والفخر الموضوع، أو ذلك السياسي الذي يدبر المكيدة للحملة على أمة مستضعفة آمنة في مرقدها، سعيدة في نفسها، فيستعبد أحرارها، ويستذل أعزاءها، ثم يسلبها أثمن ما تملك يمينها من حريتها واستقلالها، وسعادتها وهنائها.
المتمدينون:
ليس بين المصري وبين أن يأخذ من إخوانه المصريين لقب الشاب العصري أو الرجل المتمدين إلا أن يصقل جبهته، ويصفف طرّته، ويفتح فمه للابتسام المتصنع، ويقوس يده للسلام المتعمل، ويستكثر في حديثه من ذكر المدنية الغربية وشئونها، وسرد أسماء نسائها ورجالها، وطرفها ونوادرها، ويستحسن ما تستحسنه وإن كان البراز والانتحار، ويستطرف ما تستطرفه وإن كان الزندقة والإلحاد، وربما زاد على ذلك شيئا من العلم بفلسفة الميكروبات، ونظرية البالونات، ثم لا يحول بعد ذلك تمدينه بينه وبين أن يكون فاسقا ينتهك الحرمات، أو مدمنا يترامى على أعتاب الحانات، أو أحمق لا يصفح عن ذنب، ولا يصانع في هفوة، ولا يعفو عن سيئة، أو سفيها يشتم حتى أميره وسلطانه، ووالده وأستاذه، أو وقاح الوجه لا يستحيي لمكرمة