للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنها ليست بين يدي الرجل الذي تخافه, فنظرت إليه نظرة هادئة ساكنة لو أنها اتصلت بلسان ناطق وفم لحدثت عما وراءها من لواعج الأحزان، وأفانين الأشجان.

- ما اسمك أيتها الفتاة؟

- لا أعلم يا سيدي.

- بماذا ينادونكِ؟

- يدعونني اللقيطة.

- وهل أنت لقيطة كما يقولون؟

- نعم يا سيدي؛ لأني لا أعرف لي أبا ولا أما في الأحياء ولا في الأموات سوى رجل يتولى شأني ويضمني في منزله، وكنت أحسبه أبي فيمتلئ قلبي سرورا به وعطفا عليه، فلما رأيت أنه يعذبني عذابا أليما ويحمِّلني من آلام الحياة وأسقامها ما لا يحمِّله الآباء أبناءهم, علمت أني وحيدة في هذا العالم وفهمت معنى الكلمة التي يناديني بها، فألمّ بنفسي من الحزن والألم ما الله عالم به، وكنت كلما مشيت في الطريق ورأيت فتاة صغيرة سألتها: ألكِ أم؟ فتجيبني: نعم، ثم تقص علي من قصص عطف أمها عليها ورأفتها بها ما يزيدني هما، ويملأ قلبي يأسا، حتى كان يخيل إلي أنني أذنبت قبل وجودي في هذا العالم ذنبا عاقبني الله عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>