فيأيها الوالد المجهول الذي قذف بتلك الفتاة البائسة في بحر هذا الوجود الزاخر: أعلمت قبل أن تفعل فعلتك التي فعلت أنك ستبرز إلى هذا العالم فتاة تلاقي من شقائه وآلامه ما لا قبل لها, ولا لمخلوق من البشر باحتماله.
ويأيها الآباء العظماء: إن كنتم تريدون أن تسلموا بناتكم إلى هذه المدنية الغربية تتولى عنكم شأنهن وتكفل لكم تربيتهن, فانتزعوا من بين جنوبكم قبل ذلك غرائز الشهامة والعزة والأنفة، حتى إذا رزأكم الدهر فيهن وفجعكم في أعراضهن, وقفتم أمام تلك المشاهد هادئين مطمئنين، لا تتعذبون ولا تتألمون.
ويأيها الناس جميعا: لا تحفلوا بعد اليوم بالأنساب والأحساب، ولا تفرقوا بين تربية الأكواخ وتربية القصور، ولا تعتقدوا أن الفضيلة وقف على الأغنياء، وحبائس على العظماء، فقد علمتم ما أضمر الدهر في صدره من رذائل الشرفاء، وفضائل اللقطاء.