للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليس بين النعم التي ينعم بها الله على عباده نعمة أصغر شأنا وأقل خطرا من نعمة ليس لها حاسد، فإن كنت تريد أن تصفو لك النعم فقف بها في سبيل الحاسدين، وألقها في طريق الناقمين، فإن حاولوا تحقيرها وازدراءها فاعلم أنهم قد منحوك لقب "المحسَّد" فليهنأ عيشك، وليعذب موردك.

إن أردت أن تعرف أي الرجلين أفضل، فانظر إلى أكثرهما نقمة على صاحبه وكلفا بالغض منه والنيل من عرضه, فاعلم أنه أصغرهما شأنا وأقلهما فضلا.

قد جعل الله لكل ذنب عقوبة آتية يتألم لها، فالشارب يتألم عند حلول مرضه، والمقامر يوم نزول فقره، والسارق يوم زيارة سجنه.

أما الحاسد فعقوبته حاضرة, لا تفارقه ساعة واحدة.

إنه يتألم لمنظر النعمة كلما رآها، والنعمة موجود من الموجودات الثابتة التي لا يلم بها إلا التنقل من مظهر إلى مظهر والتحول من موقف إلى موقف، فهيهات أن يفنى ألمه أو ينقضي عذابه، حتى تقر عينه التي تبصر، ويسكن قلبه الذي يخفق.

الحسد مرض من الأمراض القلبية الفاتكة، ولكل داء دواء، ودواء الحسد أن يسلك الحاسد سبيل المحسود ليبلغ مبلغه

<<  <  ج: ص:  >  >>