فريسته، وقد وقف ذلك الذئب المستأنس ينظر إليهم نظرة شزراء, كتلك النظرة التي يرمي بها الصائد صيده إذا أفلت من حبالته.
بذلك حدثني من رأى هذا المنظر بعينه, فارتعت لسماع حديثه الارتياع كله وحسبت أنه يحدثني عن حادثة وقعت في مبدأ الخليقة في مغارة من مغاور الجن أو شعَفة١ من شعفات الجبال، وقلت له: أتعلم أيها الرجل أنك تحدثني عن إنسان؟ فقال: لا تعجل فما حدثتك إلا عن رجل حمّار لا يفارق وجهه سوءة حماره ليله ونهاره، وربما سرت إليه تلك النتيجة من هذه المقدمة، فكيف بك لو علمت أن هذه الرذيلة لا يترفع عنها في هذا البلد كثير من الأتقياء والصالحين، والأساتذة والمعلمين؟
إن بين جدران هذه البنى التي يسمونها المدارس وقائع لا يسر منظرها، ولا يروق مخبرها، وحوادث لو تلاها التالون على مسمع الفلك الدائر لوقف عن دورته، أو الجبل الشامخ لصعق من دهشته.
إن بين هؤلاء الذين تراهم وقوفا في أشرف المواقف بعد مواقف الرسل والذين تغضي بين أيديهم العيون إجلالا وإكبارا، وتترامى على أيديهم الأفواه لثما وتقبيلا، والذين أسلمت الأمة