أمر بنيها إليهم وأخذت عليهم ما شاء الله أن تأخذ من العهود والمواثيق أن يكونوا لأولئك الأبناء آباء محسنين، وأوصياء راحمين، قوما لصوصا يسرقون الأعراض، وخونة يعبثون بالأمانات، وقتلة يفتكون بأعراض تلاميذهم فيوردونهم موارد الحتف والهلاك، ويجعلون مصيرهم مصير أولئك الصبيان الذين فارقناهم في غرفة التحقيق.
وما وصل من حديثه إلى هذا الحد حتى سُرِّي عن نفسي ما كنت أمسكه بين جنبي من الموجدة على ذلك الرجل، وعلمت أن الجناية ليست جناية الحشاشين والحمارين، وإنما هي جناية المربين، وجريرة المهذبين.
أساء الأب بإدخال ولده المدرسة، وكان خيرا له لو أدخله المزرعة حيث لا سقوف ولا جدران، ولا خبايا ولا زوايا، ولا مكامن ولا مخادع، وحيث يجد النابت هناك من الطبيعة الطاهرة أستاذا أمينا مستقيما، لا عاهرا ولا فاسقا، ولا خائنا ولا غادرا، وحيث يرتشف من عرق جبينه نهلات باردات أصفى من المرآة وأطهر من الكوثر.
وأساء المعلم لأنه هو الذي عمد إلى ذلك الصبي الطاهر فمزق