نور الحياة إلى ظلمة الموت، وكأني بك وقد طفقت تنشدني فلا تجدني, وتفتش عني فلا تراني, ففزعت وارتعت ثم صرخت فصعقت, فلم تجد بجانبك من يمسح دمعك ويخفف حزنك.
من لي بصديق أثق بوده وإخلاصه ورحمته وحنانه, فأكل إليه أمرك وأعتمد عليه في تأديبك وتخريجك وإبلاغك ما أرجو لك من السعادة في مستقبل دهرك؟
فما أتم نجاءه حتى دخل عليه صديقه الوحيد الذي كان يأنس به ويستخلصه لنفسه, وقد سمع آخر نجواه فقال له: هون عليك أيها الصديق, فأنا صديقك الذي تنشده وأنا والد ولدك من بعدك وخليفتك بعد الله عليه، ثم ترامى على فراشه يبكي لبكائه وينشج لنشيجه, فاستنار قلبه بنور الأمل وقال: أحمدك اللهم, فقد رحمت ولدي وحفظت بيتي.
وما هي إلا أيام قلائل حتى كتب الشيخ كتاب الوصية بيده, ثم أجاب دعوة ربه تاركا في يد ذلك الصديق الكريم مجده وشرفه وماله وولده.
اتخذ الشيخ ذلك الرجل صديقا له في العامين الأخيرين من أعوام حياته بعدما رآه يكثر الاختلاف إليه ويطيل اللبث بجانبه, ويلازم الوقوف عند أمره ونهيه, ويخف لقضاء حاجاته ولباناته،