ما يهون عليه مصابرة البلاء، ومعاناة الشقاء، وأحسن كما أحسن الله إليك, إن الله يحب المحسنين.
ليفرخ روعك وليثلج صدرك, واعلم أن هذا الفقير الصعلوك الواقف بجانبك لا يستطيع مهما نال منه العدم, وبرَّح به الشقاء أن يقتطع قطعة من سعادتك أو يفتلذ فلذة من شرفك، فسعادتك وشرفك كالمصباح تستنير منه المصابيح, ونوره نوره وبهاؤه بهاؤه.
لا تظلم الرجل ولا تقل: إنه وقاح الوجه أو سيئ الأدب؛ فإني أعلم بما أعرف من آمال هؤلاء البؤساء وأمانيهم أنه ما وقف بجانبك إلا طمعا في دورة الفلك التي علت بك, وأنزلتك منازل العظماء أن تدور به دورتها بك, وأن تنزله منزلتك, فاغفر له جهله وقصوره, فمثلك من يقيل العثرة ويستر الزلة.
إنك تريد مني أن أتلمس لك في أبواب الشريعة الإسلامية مسوغا يسوغ لك طرد هذا الصعلوك المجترئ عليك من موقفه الذي اختاره لنفسه بجانبك, فاسمع ما ألقي عليك:
إن الذي وقفت بين يديه في مصلاك أجلّ شأنا وأعظم خطرا من أن يحفل بثوبك اللامع وجبينك الساطع وردائك المطرز وقميصك المحبر, وأن يعرف لك من الفضل والشرف