للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد صار قريبا ما كان بعيدا, وأصبح مألوفا ما كنا نعده مثلا من الأمثال.

الانتحار منتهى ما تصل إليه النفس من الجبن والخور, وما يصل إليه العقل من الاضطراب والهوس, وأحسب ألا يقدم الإنسان على الانتحار وفي نفسه ذرة من العزم، أو في عقله لمحة من الحزم.

حب النفس غريزة وضعها الله سبحانه وتعالى في نفس الإنسان لتكون ينبوع العمل ومبعث الحركة ومطلع شمس المدنية والعمران، والمنتحر يبغض نفسه بأشد مما يبغض الإنسان أعدى أعدائه، فهو شاذ في طبيعته, غريب في خلقه, معاند لإرادة الله تعالى في حياة الكون وعمرانه، ومن كان هذا شأنه كان بلا قلب ولا عقل.

لا عذر للمنتحر في انتحاره مهما امتلأ قلبه من الهم ونفسه من الأسى, ومهما ألمت به كوارث الدهر ونزلت به ضائقات العيش؛ فإن ما أقدم عليه أشد مما فر منه, وما خسره أضعاف ما كسبه.

لو كان ذا عقل لعلم أن سكرات الموت تجمع في لحظة واحدة جميع ما تفرق من آلام النفوس وشدائدها, وأن قضاء ساعة واحدة فيما أعد الله لقاتل نفسه من العذاب الأليم الدائم أشد

<<  <  ج: ص:  >  >>