للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متنوع اللهجات، فيتألف من ذلك الاختلاف نغم بديع لا أعرف له شبيها إلا تلك الصورة الخيالية التي أتخيلها في نغم الحور الحسان، في فراديس الجنان.

فلم أزل أتقلب في أعطاف تلك الغلائل الخضراء، وأجرّ ذيول تلك الجداول البيضاء، وأقلب طرفي فلا أرى رائحا ولا غاديا، وأتسمع فلا أسمع هاتفا ولا داعيا، حتى وقف بي الحظ على دوحة فرعاء، ماثلة على رأس بعض الجداول، قد اضطجع في ظلها على قطيفة من ذلك العشب الناعم، رجل هانئ باسم، يقرأ تارة سورة الجمال في وجه فتاة جالسة بين يديه، ويقبل أخرى ثغر الكأس التي في يمينه، ويترنم فيما بين هذا وذاك بمقطوعات شعرية بديعة، يمثل فيها جمال الطبيعة وهدوءها، وسعادة الوحدة وهناءها، ويطير بأجنحة خياله في عالم بديع من عوالم الغيب كأنما يريد أن يفر بنفسه من هذا العالم المملوء بالآلام والأحزان, ويحاول أن يطارد كل خاطر من خاطرات الهموم التي تتطاير حول قلبه ليستكمل لذته في العيش، ويتغلغل في أعماق المتعة بوحدته وكتابه، وكأسه وفتاته.

فإن مر بخاطره ذكر الملوك والأمراء وما ينعمون به من عز وسلطان ولذة واستمتاع قال: ما لي وللملك والسلطان،

<<  <  ج: ص:  >  >>